من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث: النشأة المستأنفة (نقد نقد العقل العربي)
والخطورة لا تكمن فقط في هذه النقلة في المرجعية من القرآن إلى الحديث، بل أيضاً في تحوّل المكلّف في الإسلام إلى ما يشبه الإنسان الآلي الذي لا يتحرّك إلا بالنصوص التي تتحكم بشؤون حياته العامة والخاصة؛ فمع فرضية الشافعي القائلة بأن الرسول لا ينطق إلا عن وحي حتى عندما لا ينطق بالقرآن، أُنزلت الأحاديث التي وُضعت على لسان الرسول بعد وفاته منزلة الوحي، وتوافق أهل الحديث والفقه على إعتبار السنّة، كالقرآن، تشريعاً إلهياً متعالياً، ككل ما هو إلهي ومتعالٍ، تحرّرت السنّة وأحكامها من شروط المكان والزمان.
وهذا ما حكم على العقل العربي الإسلامي بالإنكفاء على نفسه وبالمراوحة في مكانه في تكرار لا نهاية له؛ وهذا أيضاً ما سدّ عليه الطريق إلى إكتشاف مفهوم التطوّر وجدلية التقدّم وما يستتبعانه من تغيّر في الأحكام الوضعية ذات المصدر البشري لا الإلهي؛ وهذا ما أسّسه أخيراً في ممانعة للحداثة تنذر في يومنا هذا بالتحوّل إلى ردّة نحو قرون وسطى جديدة.
بهذا الكتاب الذي يرصد الآليات الداخلية لإقالة العقل في الإسلام، يختتم المؤلّف مشروع "نقد نقدِ العقل العربي".
بدأ جورج طرابيشي بكتابة هذاالكتاب ليكون الجزء الخامس والأخير من سلسلة "نقد نقد العقل العربي" التي كانت عبارة عن ردود على مشروع الجابري: نقد العقل العربي...عارض طرابيشي رسالة الجابري الذي عزى استقالة العقل العربي إلى عوامل خارجية تسللت إليه كحصان طروادة يؤرخ طرابيشي هنا لكيفية استقالة العقل العربي التي جاءت من الداخل فانتهى إلى دراسة معرفية متعمقة تقف بذاتها على تاريخ التحول من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث إسلام الرسالة إلى إسلام التاريخ حيث انتقل الثقل في دين التوحيد واللارهبانية من الرسالة
كتاب مهم وعظيم وعظمته في كمية المجهود المبذول في كتابته وأطروحته المرعبة بالمعنى الحرفي ! وأرى أنه وفق فيها لأنها كانت نظرة من الداخل كما هي من الخارج ! من داخل المنظومة العملاقة أو "المدونة الحديثية" -بلغة طرابيشي-ولقد قضيت مع هذا الكتاب ما جاوز الشهر تقريباً من قراءة وإعادة قراءة لبعض الفصول لما لها من أهمية لاهويتة وأهمية تعريفية للإسلام من الداخل ووصف لنكوص العقل العربي الأسلام في ليل الانحطاط الطويل وأسباب هذا الانحطاط الذي ما زال مستمراً !! لم يكن طرابيشي معنياً بالدفاع عن نبي الأسلام أكثر
الكتاب عظيم ويتضح فيه جهد الكاتب وجديته وتدقيقه فيما يكتب. نظرا لطرحه العديد من اﻷفكار الجديدة. يصعب على المرء أن يتفق مع كل ما فيه ولكن وبالتأكيد إن كل من يقرأ الكتاب فلن يفكر في هذا الموضوع بعده كما كان يفكر قبله.الغرض الرئيس من الكتاب ليس فقط عرض أركيولوجي (تأريخي) لعملية الانتقال وإنما توضيح كيف تم القضاء على دور العقل أو لنقل تحجيمه في التراث العربي اﻹسلامي... كما يعبر طرابيشي في خاتمة كتابه.لتحجيم دور الرأي (العقل) كان لا بد أولا من إعطاء نص شرعي في كل المسائل وهو ما لا يوفره القرآن فضلا
سأترك تقييم هذا الكتاب إلى أن أتحقق بنفسي من كل ما ورد فيه وذلك بعرضه على من لهم تخصص في علم الحديث لكنّي لن أمتنع عن إبداء إعجابي الشديد بتماسك النظرية التي طرحها الأستاذ جورج طرابيشي وتنظيم الكتاب وتدرجه التاريخي السلس وعرضه لجُلّ الآراء مؤيدة أو معارضة التي تكلمت عن الأمر مما يعطي القارئ رؤية فوقية ممتازة للأمور.الكتاب هو رحلة شيقة وممتعة للغاية.. مثيرة للفكر وللجدل.. قد يخالف بل يصادم ما تعتقده أو تؤمن به بخصوص المسألة الحديثية لكني لا أنكر ما أصابني من لذة فكرية عندما قلب هذا الكتاب أفكاري
العلاقة التاريخية بين الفقه (التشريع) والحديث (السنة):لعل تتبع نشأة الفقه من مالك وحتى الشافعي من خلال المرور على كتابات كل منهما وتعليق لاحقهما على سابقهما من أهم النقاط التي ناقشها هذا الكتاب..في الجزء الخاص بمالك بن أنس يبين المؤلف من خلال تتبعه لمصنف مالك الأشهر (الموطأ) أن مالكاً كان يُخالف الصحابة بل ويرد ما هو مأثور عن النبي. وقد يوحي الكلام بأن مالك يخالف الصحابة رغم ثبوت الرواية لديه ويرد كلام النبي من حيث هو كلام النبي ولكن المقصود - بلا شك- أن مالك كان يرد الروايات من حيث إنها لم
عمل مهم وأضاف لي كثيراً.جهد أسطوري ومختلف عن كل ما قرأت بنفس مجاله .. مثلاً نصر حامد أبوزيد يستخدم الادوات المعاصرة أكثر منه باحثاً تراثيا وفي المقابل جمال البنا وأبورية مثلاً تراثيون أقحاح يحاكمون التراث بنفس أدواته أو ينتقدون الأدوات دون تأصيل وافٍ كطريقة أبورية مثلاً في "أبوهريرة ِشيخ المضيرة" باستعراض كل ما وجه ضد أبوهريرة تراثيا كوقائع عائشة وعمر ضده .. لكن الأستاذ طرابيشي منهج مختلف باحث تراثي متعمق وبنفس الوقت متمكن من أدواته العلمية المعاصرة ولا عجب انه استغرق 6 سنوات لكتابة هذا العمل
جورج طرابيشي
Paperback | Pages: 643 pages Rating: 4.11 | 308 Users | 69 Reviews
Declare Based On Books من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث: النشأة المستأنفة (نقد نقد العقل العربي)
Title | : | من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث: النشأة المستأنفة (نقد نقد العقل العربي) |
Author | : | جورج طرابيشي |
Book Format | : | Paperback |
Book Edition | : | الطبعة الأولى |
Pages | : | Pages: 643 pages |
Published | : | August 11th 2010 by دار الساقي للطباعة والنشر |
Categories | : | Religion. Islam |
Commentary Toward Books من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث: النشأة المستأنفة (نقد نقد العقل العربي)
من خلال توظيف المفهوم الخلدوني عن النشأة المستأنفة، بمعنى القطيعة والإستمرارية معاً، يسلط هذا الكتاب ضوءاً باهراً على عملية إعادة تأسيس الإسلام القرآني في إسلام حديثي، طرداً مع التحوّل من إسلام الرسالة إلى إسلام التاريخ، ومن إسلام "أم القرى" إلى إسلام الفتوحات.والخطورة لا تكمن فقط في هذه النقلة في المرجعية من القرآن إلى الحديث، بل أيضاً في تحوّل المكلّف في الإسلام إلى ما يشبه الإنسان الآلي الذي لا يتحرّك إلا بالنصوص التي تتحكم بشؤون حياته العامة والخاصة؛ فمع فرضية الشافعي القائلة بأن الرسول لا ينطق إلا عن وحي حتى عندما لا ينطق بالقرآن، أُنزلت الأحاديث التي وُضعت على لسان الرسول بعد وفاته منزلة الوحي، وتوافق أهل الحديث والفقه على إعتبار السنّة، كالقرآن، تشريعاً إلهياً متعالياً، ككل ما هو إلهي ومتعالٍ، تحرّرت السنّة وأحكامها من شروط المكان والزمان.
وهذا ما حكم على العقل العربي الإسلامي بالإنكفاء على نفسه وبالمراوحة في مكانه في تكرار لا نهاية له؛ وهذا أيضاً ما سدّ عليه الطريق إلى إكتشاف مفهوم التطوّر وجدلية التقدّم وما يستتبعانه من تغيّر في الأحكام الوضعية ذات المصدر البشري لا الإلهي؛ وهذا ما أسّسه أخيراً في ممانعة للحداثة تنذر في يومنا هذا بالتحوّل إلى ردّة نحو قرون وسطى جديدة.
بهذا الكتاب الذي يرصد الآليات الداخلية لإقالة العقل في الإسلام، يختتم المؤلّف مشروع "نقد نقدِ العقل العربي".
Describe Books In Pursuance Of من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث: النشأة المستأنفة (نقد نقد العقل العربي)
Edition Language: | Arabic |
Series: | نقد نقد العقل العربي |
Rating Based On Books من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث: النشأة المستأنفة (نقد نقد العقل العربي)
Ratings: 4.11 From 308 Users | 69 ReviewsCriticism Based On Books من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث: النشأة المستأنفة (نقد نقد العقل العربي)
هذا الكتاب يتناول فيه جورج طرابيشي موضوع موقعية الحديث في التاريخ الاسلامي و الحضاري بشكل مسهب أجمل ما فيه أنه ينزع القداسة عن موضوع قد يعتبر مقدساً و لكن يتضح بالغوص بالتفاصيل عن نشأة الحديث و تضخمه و الزيادات التي أضيفت له كيف أن عالم الحديث ليس كما قد يعتقد البعض محاط بقدسية مطلقةبدأ جورج طرابيشي بكتابة هذاالكتاب ليكون الجزء الخامس والأخير من سلسلة "نقد نقد العقل العربي" التي كانت عبارة عن ردود على مشروع الجابري: نقد العقل العربي...عارض طرابيشي رسالة الجابري الذي عزى استقالة العقل العربي إلى عوامل خارجية تسللت إليه كحصان طروادة يؤرخ طرابيشي هنا لكيفية استقالة العقل العربي التي جاءت من الداخل فانتهى إلى دراسة معرفية متعمقة تقف بذاتها على تاريخ التحول من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث إسلام الرسالة إلى إسلام التاريخ حيث انتقل الثقل في دين التوحيد واللارهبانية من الرسالة
كتاب مهم وعظيم وعظمته في كمية المجهود المبذول في كتابته وأطروحته المرعبة بالمعنى الحرفي ! وأرى أنه وفق فيها لأنها كانت نظرة من الداخل كما هي من الخارج ! من داخل المنظومة العملاقة أو "المدونة الحديثية" -بلغة طرابيشي-ولقد قضيت مع هذا الكتاب ما جاوز الشهر تقريباً من قراءة وإعادة قراءة لبعض الفصول لما لها من أهمية لاهويتة وأهمية تعريفية للإسلام من الداخل ووصف لنكوص العقل العربي الأسلام في ليل الانحطاط الطويل وأسباب هذا الانحطاط الذي ما زال مستمراً !! لم يكن طرابيشي معنياً بالدفاع عن نبي الأسلام أكثر
الكتاب عظيم ويتضح فيه جهد الكاتب وجديته وتدقيقه فيما يكتب. نظرا لطرحه العديد من اﻷفكار الجديدة. يصعب على المرء أن يتفق مع كل ما فيه ولكن وبالتأكيد إن كل من يقرأ الكتاب فلن يفكر في هذا الموضوع بعده كما كان يفكر قبله.الغرض الرئيس من الكتاب ليس فقط عرض أركيولوجي (تأريخي) لعملية الانتقال وإنما توضيح كيف تم القضاء على دور العقل أو لنقل تحجيمه في التراث العربي اﻹسلامي... كما يعبر طرابيشي في خاتمة كتابه.لتحجيم دور الرأي (العقل) كان لا بد أولا من إعطاء نص شرعي في كل المسائل وهو ما لا يوفره القرآن فضلا
سأترك تقييم هذا الكتاب إلى أن أتحقق بنفسي من كل ما ورد فيه وذلك بعرضه على من لهم تخصص في علم الحديث لكنّي لن أمتنع عن إبداء إعجابي الشديد بتماسك النظرية التي طرحها الأستاذ جورج طرابيشي وتنظيم الكتاب وتدرجه التاريخي السلس وعرضه لجُلّ الآراء مؤيدة أو معارضة التي تكلمت عن الأمر مما يعطي القارئ رؤية فوقية ممتازة للأمور.الكتاب هو رحلة شيقة وممتعة للغاية.. مثيرة للفكر وللجدل.. قد يخالف بل يصادم ما تعتقده أو تؤمن به بخصوص المسألة الحديثية لكني لا أنكر ما أصابني من لذة فكرية عندما قلب هذا الكتاب أفكاري
العلاقة التاريخية بين الفقه (التشريع) والحديث (السنة):لعل تتبع نشأة الفقه من مالك وحتى الشافعي من خلال المرور على كتابات كل منهما وتعليق لاحقهما على سابقهما من أهم النقاط التي ناقشها هذا الكتاب..في الجزء الخاص بمالك بن أنس يبين المؤلف من خلال تتبعه لمصنف مالك الأشهر (الموطأ) أن مالكاً كان يُخالف الصحابة بل ويرد ما هو مأثور عن النبي. وقد يوحي الكلام بأن مالك يخالف الصحابة رغم ثبوت الرواية لديه ويرد كلام النبي من حيث هو كلام النبي ولكن المقصود - بلا شك- أن مالك كان يرد الروايات من حيث إنها لم
عمل مهم وأضاف لي كثيراً.جهد أسطوري ومختلف عن كل ما قرأت بنفس مجاله .. مثلاً نصر حامد أبوزيد يستخدم الادوات المعاصرة أكثر منه باحثاً تراثيا وفي المقابل جمال البنا وأبورية مثلاً تراثيون أقحاح يحاكمون التراث بنفس أدواته أو ينتقدون الأدوات دون تأصيل وافٍ كطريقة أبورية مثلاً في "أبوهريرة ِشيخ المضيرة" باستعراض كل ما وجه ضد أبوهريرة تراثيا كوقائع عائشة وعمر ضده .. لكن الأستاذ طرابيشي منهج مختلف باحث تراثي متعمق وبنفس الوقت متمكن من أدواته العلمية المعاصرة ولا عجب انه استغرق 6 سنوات لكتابة هذا العمل
0 Comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.